وقعت الفنانة التشكيلية القديرة الدكتورة لطيفة درويش كتابها المميز «جذور»، الذي يحمل الكثير من التصاميم المميزة، وسط حضور كوكبة من المهتمين في الشأن الثقافي، والأهل والأصدقاء، ومنسوبي الصحافة والإعلام. وعبرت الدكتورة لطيفة عن سعادتها بالتوقيع وإطلاق الكتاب في معرض جدة للكتاب 2023.
ولدت وترعرعت الفنانة التشكيلية لطيفة درويش في المملكة العربية السعودية، وطورت اهتمامها بالفن منذ سن مبكرة عندما كانت تدرس في العاصمة المصرية (القاهرة). وهي من هواة جمع اللوحات والمقتنيات القديمة. من خلال شغفها الشديد هذا، بدأت تتعلم المزيد عن التاريخ وعلاقته بالفن.
وقد تعلمت من فنانين غربيين مشهورين تقنيات فنية مختلفة بما في ذلك الإيتان وصناعة الخزف والرسم بالألوان والرسم بالزيت، ثم عملت على دمج تلك الأعمال الإبداعية من خلال إدخال عنصر من الثقافة في قطعها الفنية. كما انتظمت فيديوهات دراسية مكثفة في مجال الفن الإسلامي أقامتها مدرسة برنس للفنون التقليدية.
إن الأمانة في عمل لطيفة درويش تعكس أماكن وتقاليد وقصصاً تتم إعادة إحيائها باستخدام مواد وألوان غنية. تسعى لطيفة درويش إلى تصوير لمحة عن التاريخ من زاوية جديدة منذ أن بدأت رحلتها الفنية في العام ١٩٨٩، عمقت وعززت معرفتها من خلال السفر إلى أماكن مختلفة وفهم الأساليب الفنية المختلفة، والكيفية التي يلعب بها التراث الإنساني دوراً في التأثير على الشعور بالهوية. وبالتالي فهي تتماشى مع التقاليد الثقافية لصناعة القطع اليدوية التي تنتمي إلى العادات والثقافات المحلية، مثل الاستعداد للزواج، والهدايا المنزلية، والأشياء المميزة التي تمثل الناس.
تمتلك لطيفة درويش معرضها الفني الخاص بها في مدينة جدة في المملكة العربية السعودية، حيث تقوم بعرض أعمالها الفنية، وقد شاركت في خمسة معارض فنية أقيمت في مدينة جدة، في الأعوام ١٩٩٢، ١٩٩٤، ٢٠٠٣، ٢٠٠٤، ٢٠٠٨، إضافة إلى ذلك، ساهمت في خمسة معارض محلية أقيمت في العاصمة الرياض والدمام. وأيضا شاركت في معرض دولي واحد أُقيم في العاصمة واشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية في العام ١٩٩٤.
وكانت كلما أُتيحت لها فرصة لتطوير ذاتها اغتنمتها للتعليم، وكان من بين تلك الدور ما أقيم في دار صفية بن زقر على يدي (دورثي برير) وغيرها. درست خلالها أساسيات الفن التشكيلي من رسم بالفحم والرصاص والألوان المائية ثم أتبعت ذلك بدراسة للمنظور الهندسي والتشريح الفني.
أما لو دخلت بيتها فإنه سيعتريك لأول وهلة شعور بأنك في جاليري خاص بالفنون، فأعمالها تتلألأ في المكان، وتأتي في المقدمة أعمالها ذات الطابع الإسلامي بما تحمله من أقمشة تعبق بالروحانية والخشوع وأنفاس المصلين، مأخوذة من أستار الكعبة والحرم النبوي الشريف بألوانها (الخضراء، والحمراء، والسوداء)، مشغولة بخطوط من الفضة الخالصة، ومرصع إطارها بالأحجار الكريمة، لتتحول إلى قطع فنية نادرة، إذ يعود تاريخ بعض تلك الأقمشة المعطرة بأنفاس المصلين ودعائهم إلى أكثر من 100 عام.
تطالعكم في غرفة خاصة بالبيت، حيث تعيش وتحيا بين ألواح زجاجية لحماية الألوان والمعادن المستخدمة فيها. تتفاعل معها على الجدار الوجوه البدوية النسائية على أطباق من البورسلين، وتشهد إلى جانبها الرواشين وبيوت جدة القديمة وحارات زمان تفوح منها رائحة البخور والعودة.
كلها أعمال تتفاعل وتتنفس في مكان واحد وتحت سقف واحد، هو بيتها الذي تحول إلى جاليري خاص ينبض بالأصالة والمعاصرة في آن واحد.
حكايتها ومسيرتها تعبر باختصار: أن من يريد أن يتعلم ويبدع ويضع بصمة في مشواره فإن ذلك ليس مستحيلاً حتى لو لم يكن هناك معهد أو جامعة أو كلية أو حتى مدرسة فنون صغيرة.
فمن يريد أن يتعلم شيئاً سيجد طريقاً ليصل إلى مبتغاه.
وختاماً أقول: مهما كان جمال الحديث عن فنها وأعمالها.. فإن ذلك لا يغنيك عن مشاهدة تلك الأعمال بنفسك، فالكلام لا يرتقي إلى إبداع أعمالها.. وإنما كتابها جاء ليصور واقعاً وأعمالاً فنية لا تحتاج إلى من يقرأها ويتأملها، ولهذا نترك لك الفرصة عزيزي القارئ لكي تستمتع بتأمل تلك الأعمال وتذوق ذلك الفن الأصيل بنفسك.
وها هو الكتاب يفتح صفحاته بين يديك يدعوك لتعيش معه متعة الحياة وروعة الفن...